كمن ينصب حبل المشنقة لنفسه ، أو كمن يشحذ السكين ليتم ذبحه بها لاحقا ، هكذا يفعل حلفاء أمريكا الغادرة سواء كان ذلك في الشرق الأوسط أو في العالم بأسره ، إنها لحماقة كبيرة سيسطرها التاريخ لحلفاء البيت الأبيض الذي لن يرو منه الا سوادا على سواد ، بسبب سذاجتهم .
لم نتفاجئ كثيرا مثل البقية عندما قرر جنود ترمب الفرار من الساحة السورية ، تاركين وراءهم إرثا و عارا لكل من حالفوهم ، و وقفوا بجانبهم بدعوى محاربة الدولة الاسلامية داعش ، أو بدواعي خفية ، اولها الانفصال عن دمشق و آخرها إقامة دولة تحتضن الجينات الكردية .
رغم تعدد أسباب هذا الإنسحاب إلا أن توقيته يشكل ضربة قاسية للجيش الامريكي الغازي ليس في سورية فحسب بل في المنطقة بأسرها ، فالجيش الذي خسر في الفيتنام و أفغانستان سابقا والعراق لن ينتصر في سورية الصمود مقبرة الغزاة ، حتى و لو تحالفوا مع أبناء الديار الذين أخطؤوا خطئا تاريخيا بعد ارتمائهم بأحضان أمريكا ،التي اوهمتهم بأنها ستجعل لهم وطنا على حساب تفتيت أمتنا العربية ، ويالا فداحة ذنبهم أخواننا الأكراد .
فحتى السعودية التي تعد بنك أمريكا الخليجي ، لم تسلم من سمها ، حيث دعى رجال مخابراتها اليوم المختبئين تحت عباءة الدبلوماسية في سفاراتها بالرياض ، دعوا السعوديين و ذكروهم بحقهم بالتظاهر السلمي ، ذلك أنها ( أي أمريكا ) تمسك مملكة المنشار من اليد التي تؤلم ، ولن تستطيع الأخيرة النبس و لو بحرف واحد ، أو القيام بردة فعل تحفظ لها ماء وجهها ، او معاتبة ترمب ، عندما اذلهم مرات و مرات و أخذ أموالهم كرها لا طوعا تحت مسميات عديدة أهمها صفقات وهمية موجهة للاستهلاك الاعلامي فقط .
أمريكا يا سادة لا رفاق لها ، فهي كالقطة التي تأكل أولادها عندما تضمر أحشاءها ، ولعل اكراد العراق سابقا و أكراد سورية حاليا خير مثال ، والتاريخ مليئ بالعبر ابتداء من الشاه الايراني وليس انتهاءا بجعفر النميري رئيس السودان سابقا ، والحبل على الجرار الى يومنا هذا .
مسعود بارازاني قال إن الحلف مع امريكا كالحلف مع اللاشيئ عندما خذلوه ، و اكراد سورية اليوم قالوا إنها طعنة في الظهر بخنجر أمريكا المسموم ، فهل سنرى يوما بن سلمان يضرب جبينه ندما " لتحالفه مع الشيطان الاكبر ؟
لا نفهم لماذا لا يدرك هؤلاء سواء كانوا مجتمعين أو فرادى أن التوجه نحو جحر الأفعى الكبرى لن يعود عليهم الا بالوبال على منطقتهم و شعوبهم ، كما نذكرهم في كل مرة أن الذي بنى كيانه على جماجم الشعوب لن يرحم أحدا عندما تتأتى له الفرصة وإن كان ذلك مع حلفائهم ، و أسألوا حسني مبارك فهو أعلم بهذا .
إن كان هناك ترياق مضاد لسموم أمريكا في المنطقة فإنه لن يكون الا برفع التحدي بالتحدي ، والإلتفاف حول مبادئ أمتنا العربية و الإسلامية ، ونحن هنا نقصد من الأكراد شمالا الى السعودية جنوبا ، فلا فائدة ترجى من وجود أمريكا في قلب امتنا منذ عقود بعيدة ، فكل الكوارث و الحروب تولدت من رحم امريكا الخبيث .
لا السعودية ولا غيرها ستنجو من خبث أمريكا ، لأنها إن كانت هذه الأمة ستستفيد من البيت الأبيض فإن الفائدة وكل الفائدة تكمن في التخلي عنها فورا و تركها لبرد العزلة الدولية ، تيمنا بأوروبا و الصين و روسيا و الهند و ربما تركيا مؤخرا ، لأن التحالف مع أمريكا هو عين الغباء السياسي و الاستراتيجي ، ذلك أن التاريخ مليئ بالعبر و لله در من قال :
لا تأمنَنَّ امرأً خانَ امرأً أبداً ** إِن من الناسِ ذا وجهين خوَّانا
-
سامي - بخوشكل الجسور التي عبرتها كنت لوحدي ، لذا لا أدين لأحدكم بشيئ .