وأعوذُ باللَّهِ ألفاً من الأنا .
حتى وأنت تشعر أنك تخليت عن الكتابة وانتهى كل شئ ، في ذات اللحظة أنت عالقاً في المنتصف بين خيار العودة ، أو العيش في مستنقع أفكاراً لا تنام ... !
نشر في 08 يونيو 2018 وآخر تعديل بتاريخ 18 يوليوز 2018 .
حاملةٌ على وزري ذنبُ كلمة حانقةٌ في صدري ، ذنب شطر بيتٍ لم أكمل عجزه ، ذنب قطراتٍ من الحبر لوثتُ بها الورقة بعد أن خذلني الحرف وتركني أسير أفكاراً صنعت فيني ضوضاء لا تنام ، أنا تلك المتنكرة تحت خاطرة ، بيت ، قصة ، بزيّ يفوقني حجماً لن يرى الجميع موضعي منه ،أنا تلك الباقية وحيدة تحت عاصفةٍ ماطرة ، والمقاومة لاحتيالات الزمان ، وأنا العابرة أمام كلماتٍ عابرة ..
أنا من خذلت الكتابة مرات ، وابتعدت عنها ، فكان جزائي إن خذلتني ذات يومٍ هيّ الأخرى فلفظتني في مستنقع أفكاراً مجحفة ، أنا من غنيت حينما كان عليّ البُكاء ، ضحكت كثيرا لأواري حفنة دموعٍ خائنة كادت أن تسقط دون أذني ، أنا من ضحكت كثيراً ، ولعبت كثيراً ، وكنت ألف مرة سبب قهقهات صديقاتي المُتعالية إلى حدود السماء ، أنا من شردتُ من أشد الحصص أهمية إلى عالمي الآخر ، وكتبت أحلاماً بسيطة لكن كنت قد رسمت لأجلها خططاً معقدة لم تضاعف سنين حدوثها بل افشلتها في المنتصف لتقع ضحيةً في مقبرة الحُلم بسببي ، ومتى كان للحلم مقبرة؟ ،لكن ربما الأحلامِ هيّ الأُخرى تموت ..
أنا من تترك رسائل دون رد ، أو لا تلقي لسؤالاً ما بالاً ليس تكبراً ولكن لأنها ببساطة لم تجد رداً !، أنا من انعشت تلك المسكينة بعد أن كانت لا ترى في الحياة سوى الموت ، وساعدت تلك الأخرى بعد أن كانت مهددةٌ بلغرق في وحلٍ قاتم ، أنا من كنت عوناً في أشدّ اللحظات مأساوية ، ولم أنتبه لعمق المأساة التي أوقعت بها نفسي ، رددت للهزيمة برودٍ ساذج ، فلم تؤثر هزيمتي في أعدائي ،كانت نكراء توهم العالم بانني فشلت، ومن ورائها أبني مجداً وصرحاً لا حدود له ، أنا تلك الغبية التي تستلذ بالاشاعات المصاغة لها دون أدنى رد ، أجدها تصنع لي شخصيةً أخرى وتحجب عن السطحيين رؤيتي بوضوح ، أنا من تحملتُ على عاتقي آللاماً شاركتها لنفسي وأنا أعلم أشدّ العلم أن الكتمان ينخر الروح من الداخل تماماً كبردٍ قارص يجعلُك أكثر هشاشه ، أنا من وجدتُ نفسي بين أشعار المتنبي وأبي تمام ، وحيناً أجد أن السياب ودرويش ويشاركهما أبي جويدة قد صنعوا لي ظلاً أتى هامشاً في آخر الصفحة أو على أكنافها ولا أشك أنه قد كُتب سهواً ، أنا التي تعوذ بالله من الأنا ، كما يتعوذ الراهب من مستقبلٍ يأتي عكس ما قال ، وككره إبليس لمن خُلق من صلصال ، وأكره أن أكتُب عن الأنا ، كأبي تمام حين خلع عن القصيدة رداء الأطلال ، أنا من تستعيذ من الأنا لكن أسمح لي أن أقول أننيّ مستعصيةٌ عن الكتابة ، أنا شيئاً يتسم بالغموض وعنهُ الكتابة شيئاً يُحال ، حتى وأنا أكتب عني يؤسفني أن أخبرك أنها محض خاطرة ، قد تجد نفسك أو أجد نفسي في سطرٍ هُنا ، لكن ما كُتب لستُ أنا ، فأنا أقسم لك أنّني لست أنا وأنا أعوذُ بالله ألفاً مِن الأنا ...
-
يسرى الصبيحيياريتَّا.
التعليقات
دام قلمك ، بالتوفيق .