في علاقاتنا مع ذواتنا و مع الآخرين...
نشر في 01 يونيو 2020 وآخر تعديل بتاريخ 01 يونيو 2020 .
إن طبيعة العلاقات المسيطرة على روح هذا العصر هي علاقات سطحية، عابرة و غير ممتدة الجذور في العمق...
حتى ما نظنه منها عميقا كعلاقاتنا مع عائلاتانا أو مع أصدقائنا المقربين أو حتى مع ذواتنا، باتت علاقات براغماتية، عملية، هدفها الوحيد التسلية و تمضية الوقت أو تيسير أمور الحياة اليومية المادية...هذا طبعا إذا لم نتحدث عن علاقات المصلحة أو الغايات و التي لا أحب إدراجها في خانة العلاقات بل في خندق الاستراتيجيات و الوسائل...
بات بيننا و بين العمق عمق يجب سبر كنهه، بات بيننا و بين الآخرين جسر يجب عبوره، و بات بيننا و بين ذواتنا فجوة يجب ردمها...
هذا العمق و هذا الجسر و هذه الفجوة لن نتمكن من تجاوزهم و الوصول الى ضفة العلاقة الحقيقية اذا لم نتمكن أولا من الانتقال إلى بعد آخر في العلاقة ينتقل بها إلى المستوى الجوهري و الروحي الثابت و المتين الذي يجعلها ترتقي بنا و بالآخرين كما هو مفروض لها أن تكون...
فلنسأل أنفسنا هذا السؤال: ماذا أعرف عن هذا الشخص الذي أمامي؟ أو، ماذا أعرف عن هذا الشخص الذي يسكنني؟
هل حقا أعرف داخله و مشاعره و ما يحسه و يعانيه؟ هل فعلا أعرف فكره و عقله و اهتماماته؟ هل فعلا أعرف ما يؤلمه و يبكيه كما ما يفرحه و يغمره؟
لقد دربنا منذ صغرنا، و مع الأسف، على قمع مشاعرنا و تغليفها بزي من التظاهر و الكتمان. لقد تربينا على حبس الدمعة و كبت الضحكة و خنق الصوت و دفن الرغبة...لقد تعلمنا إهمال اهتماماتنا الحقيقية و تأجيل ما نشغف القيام به و تثنيته لا بل تحييده أيضا...
لقد تعلمنا و تعلمنا حتى نسينا أن نكون و حتى نسينا من نحن حقا...
لقد قولبنا و تقولبنا حتى نسينا شكلنا الحقيقي...
فهل لنا قبل أن يفوت الأوان أن نعود عن درب تيهنا و نكتشف ماهيتنا و عرينا؟ هل لنا أن ننبذ هذه الأقنعة المزيفة التي كبلنا أنفسنا بها للنطلق إلى حريتنا الفطرية؟ و هل لنا أخيرا أن نمسك بيد الآخرين في مشوار نبشهم لدواخلهم و نساعدهم على إخراج مكنونات صدرورهم حتى ندرك و يدركون أننا لهذه الغاية خلقنا جميعا؛ التواصل و الاكتشاف....