إن قيام دول بانظمة مدنية من بين الضرورات التي لا مناص منها لتحقيق حياة تعج بالديموقراطية وتضمن العيش الكريم للكائن البشري,سوى أن الإشكالية الحقيقية التي تحول دون ولادة هذا الجنين المبارك في بلداننا هو عدم فهم العلاقة الوطيدة التي تربط بالفطرة البشر على اختلاف توجهاتهم بالدولة المدنية وولعهم بها أحيانا,او فهم ثلة منهم لهذا المفهوم ووللمفاهيم المحيطة به فهما خرافيا مجانبا للحقيقة.
سوف لن أقوم ببيان الحاجة الى دولة مدنية ,قبل \لإشارة إلى الفهم المغلوط للعلمانية الوسطية,كونها اللبنة الأساس التي تقوم عليها الدولة المدنية الناجحة,إذ لم يستطع الكثيرون محو الأفكار المضللةالتي تراكمت لدينا حول العلمانية,بفعل التضليل الممنهج الذي تمارسه الدولة علينا في المقررات الدراسية أو التسويق للعلمانية باعتبارها رمزا من رموز الكفر والزندقة والإلحادـ
لن ينكر عاقل أن كل فكر إلا وله فكر متطرف مواز له,لذا سأحاول الحديث في ما سيخلف عن العلمانية الاصل,العلمانية الوسطية,إذ تعني التعامل داخل مؤسسات الدولة وفضاءتها العامة انطلاقا من زاوية لا تمييزية بين التوجهات والاعتناقات الايديولوجية للمواطنين في حدود حرياتهم الفردية,كذا تركيز سياسات الدولة على القيم الاخلاقية العامة بدل القيم الدينية الخاصة التي كانت الى عهد قريب بوصلة الدولةـ
لقد برزت الدولة المدنية مع الفلاسفة اليونانين القدامى ,خصوصا مع أفلاطون,الذي روج بطريقة غير مباشرة للفكرة,عبر كتابه الشهير الجمهورية,أذ يرى ان لا حياة كريمة الا بدولة تحفظ حقوق المواطنين الابدية,مع تقليص سيطرة العقليات الميتافيزيقية على الحياة اليومية للدولة,الشيء ذاته الذي دعا اليه الغزالي بلغة غير مباشرة ايضا في كتابه المفخرة المدينة الفاضلةـ
وحيث اني متاكد ان الحجج النظرية السالفة الذكر ليست كافية بما يليق,فاني ادعو الى التفكر في حال الجمورية التركية بعد العلمانية,وكيف نجحت النظام العلماني فيها بتحقيق اقلاعات نوعية في مجالات حقوق الانسان والتنمية,لذا تعالو بنا نقتفي اثار هذه التجربة الناجحة ونفسح المجال لدولة مدنيةـ
د