مثلّثات الحب
بين اثنين...أو أكثر؟!
نشر في 01 أبريل 2018 وآخر تعديل بتاريخ 09 أكتوبر 2018 .
"الحبّ ليس أن لا ترى عيناك أحدا سواي، بل أن أكون بينك و بين من ترى."
أحلام مستغانمي
الحبّ شعور مقدّس تتقاسمه روحان و يعبّر عنه جسدان، نسمة رقيقة تداعب الأفئدة، و ريح قد تعصف بها أحيانا. جميل هو الحب في كلّ مراحله و بكلّ تناقضاته، لكن فقط حين يكون حقيقيّا! كيف يكون الحبّ حقيقيّا إذن؟
لكي يلامس الحبّ الحقيقة، عليه أن يمرّ بعدّة مراحل و اختبارات، تماما كالإيمان!للحبّ في اللّغة العربيّة مسمّيات كثيرة، و يقال أنّ أصله من الحَب أي البذرة، لأنّه يكبر و ينمو و له كذلك معنى الشّدة و الثّبات. لتلخيص مراحل الحبّ، ذكر ابن حزم الأندلسي، في كتابه "طوق الحمامة" أنّ الحبّ يبدأ بالهزل و ينتهي بالجدّ. كما قد يبدأ في بعض الأحيان بالكره! أمّا في الحضارات اليونانية القديمة، يعني الاحترام و الميول لكلّ ما هو جميل و هو كذلك اسم آلهة (إيروس) تجمع بين الخير و الشرّ و تربط بين الأموات و الأحياء. كما نقل سقراط عن ديوتيم (كاهنة) أنّ للحبّ ثلاث مراحل: يبدأ بحبّ الجمال أو جمال الجسد، ثمّ يتحوّل إلى إحساس أكثر عمقا ليتضمّن جمال الرّوح ليبلغ أوجه بعدها حين يحتوي جمال الفكر. إن توفّرت هذه الشّروط الثّلاثة في الحبّ أصبح حبّا كاملا حقيقيّا. لكن هل يمكن أن يُقتَسم الحبّ كغنيمة بين ثلاثة أشخاص؟
في بعض الأحيان، يدخل طرف ثالث إلى العلاقة بين اثنين. تَمكُّنه من الدّخول يكون إمّا لوجود ثغرة استطاع أن يتسلّل منها إلى داخل العلاقة أو لأنّه فرض نفسه بأيّ شكل من الأشكال. دائما ما يولِّد ذلك نوعا من الغيرة التي قد تقود صاحبها إلى العنف، و قد يصل حدّ القتل أحيانا، إذا أفقدته تلك الغيرة صوابه! و يكون واحد منهم في قلق و حيرة مستمرّة. و السّؤال الذي يتردّد عليه كثيرا هو "أيّهما أختار؟"، و هذا يكون نتيجة الاختلاف الواضح الذي يلاحظه بين الغريمين. تطرّقت يوما إلى هذا الموضوع مع صديقتي المقرّبة و سألتها نفس السّؤال، "إذا وجدت نفسك في موقف مماثل، فأيّهما تختارين؟" فأجابت دون تردّد: "لا هذا و لا ذاك، بل سأبحث عمن يكون الاثنين معا!" وجدت أنّ معها حقّ، لأنّ أنصاف الحلول ليست حلّا! فلو كان المحبوب يتوفّر على شروط الحبّ لما احتار الطّرف الآخر في اختياره، و في تلك الحالة لا يكون الحبّ حقيقيّا إذن. ثمّ إنّ للإنسان قلبا واحدا، و شخص واحد مميّز فقط من يستطيع الظّفر به، و إلّا تجرّد من جوهره و صار شيئا عاديا كغيره لا روح له. فالسّفينة تقبل بقبطان واحد فقط و إلّا غرقت!
أن تحبّ أحدا يعني أنّك تعلم أنّه ليس كاملا، فالكمال من صفات الخالق، لكنّه يُغنيك عن البقيّة بمزاياه و عيوبه و نقائصه. أن تعلم كلّ العلم بأنّ مِن حولك مَن هم أحسن منه، لكنّك مع هذا مُكتفٍ به وحده دون سواه. أن تُفيق صباحا من نومك، و أنت موقن أنّه الشّخص المناسب الذي تريد قضاء بقيّة حياتك معه. و أنّه الشّخص الذي يستحقّ أن تحارِب من أجله. أن تحبّ أحدا يعني أن تكون مقتنعا به كلّ الاقتناع. أن تتصرّف على سجيّتك معه و أن تشعر بالارتياح في حضرته. الحبّ الحقيقيّ يجعلك دائما إنسانا أفضل و يمدّك بالقوّة حين تستهلك الحياة كل ما لديك.
-
أسماء بوزيدطالبة في قسم اللّغات، أدب و حضارات أجنبيّة (تخصّص لغة انجليزيّة)و مشروع كاتبة.
التعليقات
صدقت في كل كلمة فذلك الحائر هو كاذب لم يحب أحدهم، أنصاف الحلول ليست حلول فالحب هو أن اكتفي فلا أرى غير الذي أحب فإن وجدت الحيرة فسيكون حباً مشوهاً لا يشبه الحب