أدركت بأنّ تذكّر الماضي،و العيش على أطلاله ،حمق و جنون ،و ظلم لنفسي و عذاب،و دموع لا تنتهي،و تشتيت للذّهن، و للطاقة الكامنة في ذاتي..
أدركت أنّ العقاقير المُسكّنة، تخدير وقتي لأحزاني،و همومي،يمكن أن يدوم ساعات أو أيام أو شهور،لأستفيق بعدها مِن دُواري و إغمائي ،و أقف وجها لوجه، مع كلّ ما عشته من عذاب.
و بعدما أدركت،و مللت الحزن كما يُملّ الرّداء، قرّرت أن أُسدل الستار على الماضي،لأعيش حاضري و أتنفّس من جديد...
و كسّرت قارورة العقاقير..
لا للدّموع،لا للعذاب،لا للعقاقير..
إستبدلتُ ذلك كلّه بدعاءٍ عريض، و توكّل حقيقي و يقين لا شكّ فيه في مولاي و خالقي ،
و قلت، ما أصابني لم يكن ليُخطئني،و اطمأنت نفسي و هدأت.
بدأتُ أبتعد عن ماضيّ رويدا رويدا
و بدأ هو يغيب في أفق الزّمن
و أصبح حاضري يُشرق كلّ صباح..
و قلت ،يا رب، أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت عليّ،فإن كُنت أخدت،فقد أعطيت..
و كتمتُ أنيني،و نفخت على دخان أيّامي..
و لكن..
و أنا أسير في طرقات حاضري الآن،ألتقي بين الفينة و الأخرى ،بأحزاني،وتزورني دموعي ويضرب فؤادي نغمات حزينة و عميقة ،يقول لي:نسيت ماضيّ أو كدت، و لم أكن أتوقّع أن أنساه..
شكرتُ حبيبي و مولاي على نعمه الحاضرة،و كُلي صدق و امتنان..
و لكنّي أطمع في المزيد..
أنا لا أريد أن أنسى فقط
بل أريد أن يشعّ في أيامي الضياء،و تذهب عنّي العواصف العمياء..
و يُستبدل شحوب خريفي و أوراقه اليابسة الصفراء،بخضرة الرّبيع..
أريد أن تمطر السّماء نجوما،و ينام الحزن ،و أُهدى وردة حمراء..
أُريد أن تُبدّل عتمة اللّيل ،كما تُبدّل السّيئات حسنات إذا تاب العبد إلى ربّه ، و أبحر في جزر النقاء..
و ليس ذلك بعزيزعلى اللّه إن كنتُ من المُسبِّحين،ألم يُخرج يونس من بطن الحوت و قال:
و كذلك نُنجي المؤمنين...