أتدري يا عمر لقد كذبوا علينا حين قالوا قلب المحب فقط من يضطرب عند رؤية حبيبه أو سماع صوته،ما زلت أتساءل مذ رأيت ذاك المشهد الذي اختبر حياة قلبي حقا، لِمَ اضطرب عند رؤية العاجز البائس الذي أكل الدهر وجبات عديدة من خدّيه حتى غدت حفراً لُفق لها اسم آخر مزيف (تجاعيد) وأي تجاعيد هذه التي تظهر في ريعان الشباب ومقتبل العمر!هل أصبحت المسميات الطبية ستاراً لنغض الطرف عن الجائع والمبتئس والفقير واليتيم! لمَ لا نقول أصاب الجوع منه حظا ونال الفقر من وجهه نصيبا، بدلاً من قولنا هي مجرد تجاعيد تظهر عند الكثير!ولا أخفيك يا عمر لم أدر ما الذي أصابني حينها حيث بدأت معدتي بالاضطراب وكان شيء ما يتوسط حنجرتي أشبه بغصة تكابد لتخرج كدموع لكن هزمها جبروتي ولم تخرج لأني كنت أعي تماما أنها لو خرجت ستندفع كسدٍ انهار للتو وأنا بطبيعة الحال أكره لفت الانتباه ونظرة الشفقة فحبستها عنوة، بات القلب مثقلا يا عمر لطالما أخبرتني أن الإحساس الزائد بما يدور حولي سيدفعني إلى الهاوية وها أنا أتدحرج نحو الهاوية،البلاد خاوية على عروشها والأرض مقفرة فأصبحت غزة متأرجحة كليّا او كما تصفها الجدات دائما (البلد على كف عفريت) أشعر أن كل شيء متحد لابتلاع أهلها البر والبحر أو ربما اصطفاء لهم من الرحمن كما قال أحد الشيوخ في مجلس عزاء أحدهم إذ مات غريقا خلال رحلة البحث عن لجوء في إحدى الدول الأوروبية إن هذا المبرر قد يسكّن ألم الحسرة قليلا ولا أكذب عليك أنا ألجأ لتصديقه عندما ينتابني اليأس حيال الأمر ويتفتت قلبي على هؤلاء الشباب الذين هدرت أعمارهم التي بدأت للتو بالنضوج كي تزداد أعمار عجائز جاوزوا الثمانين عاما خائفين أن يجوع أحفاد أحفادهم فسرقوا لقمة هؤلاء الشباب وانتزعوا أحشائهم ليحيكوا منها كرسي ناعم يجلس عليه الرئيس ثم يطمأن فئة الشباب بمشاريع قادمة خلال خطاب لعين كتبه له وزير وهو متكئ يتناول الأرز الذي لايكاد يظهر من شدة ما يعلوه من طبقات اللحم الطازج ...