حدث في الخريف (5)
قصة قصيرة الجزء الأخير
نشر في 29 شتنبر 2018 وآخر تعديل بتاريخ 01 مارس 2020 .
تألق مالك الفؤاد في إتقان ثقافة التخلي وخاصة تلك التي تأتي في موعد الأعياد، يتميز بها كأنها نوع من فلسفة خالية من المقاييس، ربما لأنه واجه الحياة والموت في نفس اللحظة، والتمس الشغف والكبرياء في نفس الموقف، كما كان يعاني من زيادة في الرقي في لحظات الوداع، ربما حدث ذلك لأن لحظات الوداع تزامنت مع لحظات اللقاء، أو ليمنع نفسه من الدخول إلى مرارة التجربة، ولكنه بنفس الوقت لم يستطع أن يقاوم اللهفة النقية، كما كان قاسي على الطيف المجرد من المنطق لأنه يعلم بأن التسرع باتخاذ القرارات المستندة إلى المنطق لا تخلو من غصات العمر، فهناك غصة تعادل ألف غصة وهناك وجع يعادل ألف موت.
تخلى عنها بشكل رسمي في مطلع أيلول، وذلك أدى إلى دخولها في أعلى مستويات الفقدان، ثم انطفئ النور داخلها وضاق العالم بها، كما ذهب البريق من صوتها ومن عينيها، تلاشت في أفق الحنين، وتلاشى كبريائها بين الثواني الضائعة، لم تعد قادرة على التقدم أو الرجوع، ضاعت بين الرفض والقبول، بين اللغة المبهمة والحروف الصريحة، بين الحاضر القريب و السرمد البعيد، بين سجل الغياب وسجل الحضور، لم تكن تعلم هل هي ذاهبة أم آتية، هل هي حية أم ميتة، لم تعد تشعر بشيء فقد أصبحت في حالة هذيان عميقة، ربما ذلك لأنها اختصرت الحياة جميعها به.
كانت معلقة بين قبوله ورفضه وبين حنانه وقسوته غرقت في تناقضه كما غرقت في تفاصيله من قبل، هي تعلم أنها لن تنجو من حالتها تلك لأنها وصلت لأعلى مراحل الشغف والندم والحنان والضعف، لم تجد إجابات منطقية على ما يحدث، كان همها إنقاذ نفسها.
بعد مرور ثلاثة أعوام من الفراق تغيرت "إزميرالدا" وتحسن قلبها، أصبحت تنظر إلى الأمور بطريقة جديدة، ورمت مشاعر الحزن والحب القديم إلى دائرة الفراغ، ثم ملئت قلبها بحب جديد لا يدنسه وجع.
النهاية.. بقلم سهام السايح
-
سهام السايحمؤلفة كتاب كأنه سديم