سألها: "إنه السؤال التقليدي المعروف. ماذا ستفعلين لو أصبحت رجلا ليوم واحد؟
أجابت: "هممم. لا أعرف حقا. فلم أتمنى يوما أن أصبح رجلا ولا أستطيع تخيل نفسي غير ما أنا عليه, أنثى مثقفة, مستقلة, على قدر من الجمال وخفة الظل. أنا حقا لا أعرف ما أتمنى فعله لو أصبحت رجلا ليوم واحد."
قال: "تخلي عن واقعيتك وتحليلاتك الآن لو سمحتي يا انتصار. وعيشي معي الخيال بعفوية. أنت الآن الشاب ناصر ولمدة 24 ساعة. ما هو أول شيء ستفعلينه؟ "
قالت: "سأجرب حلاقة الذقن. كنت أشاهد أبي وأخي أحيانا وهم يحلقون ذقونهم. ولم ألاحظ سعادتهم كما تصور لنا الأفلام بجعل الممثل يبدو سعيدا وهو يحلق, ثم يبدأ بالتصفير والغناء. كان أبي يجرح خده دائما ويبدأ بقذف سيل من الشتائم. أما أخي فكان يشعرنا بأن حلاقة الذقن كامتحان الثانوية العامة.. شيء كريه لا بد من عمله للاستمرار بالحياة."
قال: "حسن. وماذا أيضا؟ لكن رجاء بلا إطالة. فقط اذكر لي ما تود فعله باختصار يا عزيزي."
قالت انتصار: "أراك تخاطبني كذكر. لكن لا مشكلة لنقل انني اليوم الشاب ناصر!"
قال: "حسن يا ناصر. تابع ماذا ستفعل؟"
قالت: "سأوفر أجور صالون الحلاقة وتكاليف صبغ وتصفيف الشعر . فشعري قصير , وأيضا لن يكلفني الكثير من الشامبو. ولن أحتار في اللبس, يكفيني بنطال جينز واحد مع عشرات الخيارات من التيشرتات والقمصان. أيضا لن أضطر لاستخدام مزيل صبغ الأظافر ولا المكياج. ولن أخجل من قول أني سأرتاح من الضيفة الثقيلة التي تزورني كل شهر. لن أضطر لقول المجاملات بل على العكس سأشتم أصدقائي وانتقد لبسهم ثم نضحك سوية. سأتجشأ على راحتي متى شئت وأينما شئت. وسيسعدني التخلص من حقيبة اليد الثقيلة التي اصبحت جزءا من جسمي وكأن يدا ثالثة قد نبتت لي. وبالطبع لن أنسى أن أجلس على راحتي تماما وبأية وضعية أحب. لن أخاف عندما أنزل للدكان في الساعة 12 ليلا لأني ببساطة لن أتعرض للتحرش بل ربما كنت انا المتحرش! لكن لا لا, اخلاقي لا تسمح لي بأن اتحرش بفتاة, إنه فعل دنيء.
آه تذكرت. سأرتاح من غسل الصحون وتنظيف البيت والحمام والطبخ وسأكتفي برمي كيس القمامة مرة يوميا. "
ضحك منها ثم قال: " كل ماذكرته يبدو كمتعة, لم تذكر شيئا يعكس التعب والتحمل! ومع ذلك فقد نسيت أهم نقطة في هذه المتع يا ناصر !"
عقدت انتصار حاجبيها وقالت: "وما هي؟"
قال: "الغفران."
"لانك ناصر فسيغفر لك المجتمع والناس والأهل والثقافة والقانون ويلتمسون لك الاعذار. لكن انتصار مهما أنجزت ونجحت وحققت, حتى ولو تركت آثار قدمها على المريخ. فستبقى في كتب التاريخ وخلايا الذاكرة من لا تعرف كيف تقمع البامية أو تستقبل الضيوف. إن انتصار هي شماعة أخطاء ناصر."
قالت: "الحمد لله أن ناصر وانتصار يعيشان في دولة أوروبية. هيا أطفىء ضوء المصباح يا عزيزي ولننم ونحلم بمستقبل عادل ومتكافيء الفرص لأولاد ناصر وانتصار في بلادهم العربية."
-
نور جاسماسمي نور. عراقية الأصل, أردنية المنشأ, أمريكية الإقامة, وهذا ساعدني كثيرا في التعرف على الثقافات المختلفة وإقامة الصداقات من كل مكان في العالم. أحب الكتابة/ أحلام اليقظة/الرسم/ السفر/ التمثيل/ الغناء/ الأفلام/ التأمل/ وال ...