هناك بيت شعر لأبو القاسم الشابي يقول فيه .
خلقت طليقا كطيف النسيم و حرا كنور الضحى في سماه٠
ومنذ الصغر كنت أتسائل هل حقا نحن كبشر قد ولدنا أحرارا؟ و دائما ما كنت أجد الإجابة بعد تفكير عميق و هي أننا لم نولد أحرارا أبدا و لن نكون أحرارا في هذه الحياة الدنيا.
نحن كبشر مقيدون و مسجونون داخل هذا البعد المادي المقيت المحكوم بالأسباب و الزمن الذي نغص حياتنا و جعلنا خاضعين له خضوع تام و إذا أردت التحرر من هذا السجن المتوحش فستخرج منه من المغضوب عليهم( وفقا لما قيل لنا ) و لا تدري ماذا ينتظرك في الخارج .
كيف أكون حرا وأنا يجب عليا أن أذهب ولمدة عشرين سنة تقريبا إلى المدرسة ثم المعهد ثم الجامعة لأستطيع الحصول على وظيفة لكي أوفر حاجياتي أنا و أسرتي اليومية .
كيف أكون حرا و أنا يوميا يجب عليا أن أستفيق في وقت محدد لأذهب للعمل الذي أكرهه بشدة لكي أزيد في ثروة شخص آخر و إذا لم أذهب فسأكون من المغضوب عليهم
كيف أكون حرا و أنا يجب عليا أن أبتسم للزبائن رغما عني و أتحمل حماقاتهم و تفاهتهم وحتى مضايقاتهم و إذا قمت برد فعل تجاههم فسأكون من المغضوب عليهم و أطرد لسوء السلوك وعندها لن أجد النقود لنفقاتي المتواضعة جدا و عندما أمرض لن أستطيع العلاج في العيادات الخاصة و بالتالي سأذهب إلى مستشفى عمومي و سيعاملونني معاملة سيئة مثلي مثل بقية المرضى وطبعا سأتشاجر مع تلك الممرضة التي تعامل المرضى كأنهم هم سبب شقائها في الحياة و سوف تتصل بالشرطة الذين سيودعوني السجن بسبب الإعتداء على موظف عمومي و في السجن سأجد العديد من الأشخاص الذين لا هم لهم في هذه الحياة سوى إستفزاز الآخرين و طبعا سأرد الفعل ولن أكون مسخرة لهم وبالتالي ستكون لدي العديد من العداوات و في يوم ما سأطعن من أحدهم حتى الموت و سأخرج من هذه الحياة غاضبين عليا و أنا غاضب عليهم